السلام عليكم يا أصدقائي
أرجو أن تكونوا بخير
أعود إليكم اليوم بأحد الفنون الأدبي التي أجيدها و هي القصة القصيرة
قد لا تكون مثل مهارتي في الروايات لكنها تبقى ممتعة و مفيدة و فيها عبرة و تقرأها بوقت قصير
أتمنى أن تعجبكم
العنوان : (جامع المال )
هذا الموظف البسيط يعمل ليل نهار في أحد الشركات و بعد إنتهائه من عمله يذهب إلى عمل ٍ آخر و يبقى يعمل حتى منتصف الليل , و يعود إلى بيته المتواضع و يرتمي على سريره دون الإهتمام الى أولاده الذين يبكون أو زوجته التي تعاني , كل همه هو أن يحتضن حقيبة النقود بين ذراعيه و ينام معها حتى الصباح
و لا يكترث لحديث زوجته الذي يمزق القلب و هي تقول :
ما الذي حدث لك يا محمود ؟ , أنت لم تكن هكذا قبل عام , ما الذي حدث لك ؟!!! , لم تعد تهتم لأولادك و لم تعد تهتم بي و لم تعد تلبي إحتياجاتنا , كل همك هو جمع المال في هذه الحقيبة , لماذا كل هذا البخل على نفسك و على أولادك , لقد كنا نعيش سابقا ً تحت خط الفقر و لم نكن نكترث , و الآن داسنا الفقر و سحقنا و جار علينا حتى جعلنا كالطحين الذي يخرج من الرحى , أنظر الى نفسك بهذا القميص الذي أبلاه الزمن , و أنظر الى أبنائك الذين صاروا كالمتسولين , و أنظر إلي ..... عجوزٌ و أنا في ريعان ِ شبابي , أشفق علينا إن كنت لا تشفق على نفسك
يرد عليها محمود بكلمات ٍ باردة و يقول : لا تزعجيني يا إمرأة , فأنا متعب ٌ جدا ً
لم يكن محمود هكذا قبل عام فما الذي غيره يا ترى ؟؟؟؟؟
رغم ضيق الحال كان ينفق على زوجته و أولاده و يحاول جاهدا ً أن لا يحرمهم مما يحتاجونه رغم راتبه المتدني
ما الذي جعله يصبح هكذا ؟!! , أهو حب المال ؟ أهو الجشع ؟ أهو البخل ؟ أم هو خشية الفقر ؟
لا أحد يعرف ما الذي يريده , كل ما يرونه بيده هي حقيبة ٌ ذات رقم ٍ سري , يضع فيها أكثر من ثلثي راتبه كل شهر و يضع راتب العمل الآخر كله فيها , و لا يعرفون لماذا يجمع هذا المال ؟؟؟
لا يمتلك سيارة ً و لا يركب المواصلات أبدا ً بل يستيقظ بالصباح الباكر و يمشي قرابة الخمسة كيلو مترات ليذهب الى عمله ثم يمشي مثلها ليذهب الى عمله الآخر مسائا ً و يمشي ضعف المسافة ليعود الى بيته
يسكن في بيت ٍ هو غرفة ٌ واحدة فيه سرير ٌ عشَّشت به الفئران و أبناؤه ينامون على الأرض و جميعهم يستترون عن البرد بغطاء ٍ واحد
كل هذا لم يكن هكذا قبل عام , فما الذي تغير ؟؟؟؟
في عمله يحرم نفسه من الطعام و حتى أنه لا يشرب كأس ٍ من الشاي ثمنها بضعة ُ قروش , و يضع القرش فوق الآخر و يكنزه في حقيبته
الناس جميعا ً ينادونه بالبخيل و لكنه لا يكترث لهم , و صاروا يسمونه بجامع المال و هو لا يرد على أسئلتهم أبدا ً و لا يكترث لكلماتهم الجارحة و لا يعيرهم أيي إنتباه ٍ أبدا ً
و في أحد الأيام بينما كان منهمكا ً في عمله , يرن الهاتف الذي على مكتبه الذي يعج بالأوراق و المغلفات و المستندات , فيمسك سماعة الهاتف و يقول : مرحبا ً
و بعد لحظات يقول : نعم أنا محمود , من تكون أنت ؟
بعد لحظات يقف على قدميه و يقول بتوتر : نعم , نعم
ثم يصرخ بأعلى صوته كأنه طُعن َ بسيفٍ مزق أحشائه و قطع أواصره و سحق قلبه : مااااااااااااااااذااااااااا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ثم يترك سماعة الهاتف فتقع على الأرض و يرتمي هو على كرسيه و الناس كلها تجتمع حوله و يسألونه : ما الذي حدث ؟ , ما الذي جرى ؟ , من المتصل ؟
يمسك محمود بالحقيبة و يبدأ بالبكاء بحسرة ٍ شديدة و الناس في أذهانهم يقولون : ربما كان يجمع المال لشراء بيت ٍ لكنه تم بيعه , أو قطعة أرضٍ فاتته أو شيء ٍ كهذا
يأتي المدير على أثر الصوت و يسأل الناس المتجمعين : ما الذي يحدث هنا ؟؟؟!!!!!!
يقف محمود و هو يولول و ينوح و يعض على شفتيه ندما ً و تحسرا ً , و يفتح حقيبته و يرميها أرضا ً و ينتثر منها المال و تظهر ورقة ٌ بين كل هذه الأموال , ثم يسقط محمود أرضا ً و يفارق الحياة
تدب الفوضى بذلك المكتب و يهرع الجميع الى جثمان محمود يحركونه و يفحصون نبضه أملا ً منهم أنه ما زال حيا ً , لكن بلا فائدة , فقد ذهبت الروح الى منشئها
يمسك أحد الأشخاص سماعة الهاتف و يكتشف أن المتصل مازال على الخط , فيسأله عما قاله لمحمود , و بينما هو يستمع , عم الهدوء في المكان و كأنهم نسوا مصيبة محمود
و فجأة ً أغلق ذلك الرجل سماعة الهاتف و بدأ يبحث بين الأموال التي على الأرض حتى وجد تلك الورقة التي كانت بالحقيبة و قرأها على مسامع الجميع : أنا صاحب هذه الحقيبة محمود خالد كمال ( أبو اسلام ) , كل ما في هذه الحقيبة من أموال من أجل عملية صديقي سامي التي من المفترض أن يجريها في نهاية هذا العام , إذا حدث و مت قبل أن يأتي موعد العملية فهذه النقود كلها له
و قال الرجل الذي يمسك الورقة : و قال المتصل أن صديقه سامي قد مات صباح اليوم لأنه لم يقم بالعملية التي تأجلت كثيرا ً بسبب عدم توفر المال
نظرات الحزن ملأت وجوه الجميع , لأنهم علموا الآن فقط أنهم ظلموا هذا الرجل العظيم الذي جمع أمواله لكي يساعد صديقه لكن أجلهما جاء في يوم ٍ واحد
النهاية.
أرجو أن تكونوا بخير
أعود إليكم اليوم بأحد الفنون الأدبي التي أجيدها و هي القصة القصيرة
قد لا تكون مثل مهارتي في الروايات لكنها تبقى ممتعة و مفيدة و فيها عبرة و تقرأها بوقت قصير
أتمنى أن تعجبكم
العنوان : (جامع المال )
هذا الموظف البسيط يعمل ليل نهار في أحد الشركات و بعد إنتهائه من عمله يذهب إلى عمل ٍ آخر و يبقى يعمل حتى منتصف الليل , و يعود إلى بيته المتواضع و يرتمي على سريره دون الإهتمام الى أولاده الذين يبكون أو زوجته التي تعاني , كل همه هو أن يحتضن حقيبة النقود بين ذراعيه و ينام معها حتى الصباح
و لا يكترث لحديث زوجته الذي يمزق القلب و هي تقول :
ما الذي حدث لك يا محمود ؟ , أنت لم تكن هكذا قبل عام , ما الذي حدث لك ؟!!! , لم تعد تهتم لأولادك و لم تعد تهتم بي و لم تعد تلبي إحتياجاتنا , كل همك هو جمع المال في هذه الحقيبة , لماذا كل هذا البخل على نفسك و على أولادك , لقد كنا نعيش سابقا ً تحت خط الفقر و لم نكن نكترث , و الآن داسنا الفقر و سحقنا و جار علينا حتى جعلنا كالطحين الذي يخرج من الرحى , أنظر الى نفسك بهذا القميص الذي أبلاه الزمن , و أنظر الى أبنائك الذين صاروا كالمتسولين , و أنظر إلي ..... عجوزٌ و أنا في ريعان ِ شبابي , أشفق علينا إن كنت لا تشفق على نفسك
يرد عليها محمود بكلمات ٍ باردة و يقول : لا تزعجيني يا إمرأة , فأنا متعب ٌ جدا ً
لم يكن محمود هكذا قبل عام فما الذي غيره يا ترى ؟؟؟؟؟
رغم ضيق الحال كان ينفق على زوجته و أولاده و يحاول جاهدا ً أن لا يحرمهم مما يحتاجونه رغم راتبه المتدني
ما الذي جعله يصبح هكذا ؟!! , أهو حب المال ؟ أهو الجشع ؟ أهو البخل ؟ أم هو خشية الفقر ؟
لا أحد يعرف ما الذي يريده , كل ما يرونه بيده هي حقيبة ٌ ذات رقم ٍ سري , يضع فيها أكثر من ثلثي راتبه كل شهر و يضع راتب العمل الآخر كله فيها , و لا يعرفون لماذا يجمع هذا المال ؟؟؟
لا يمتلك سيارة ً و لا يركب المواصلات أبدا ً بل يستيقظ بالصباح الباكر و يمشي قرابة الخمسة كيلو مترات ليذهب الى عمله ثم يمشي مثلها ليذهب الى عمله الآخر مسائا ً و يمشي ضعف المسافة ليعود الى بيته
يسكن في بيت ٍ هو غرفة ٌ واحدة فيه سرير ٌ عشَّشت به الفئران و أبناؤه ينامون على الأرض و جميعهم يستترون عن البرد بغطاء ٍ واحد
كل هذا لم يكن هكذا قبل عام , فما الذي تغير ؟؟؟؟
في عمله يحرم نفسه من الطعام و حتى أنه لا يشرب كأس ٍ من الشاي ثمنها بضعة ُ قروش , و يضع القرش فوق الآخر و يكنزه في حقيبته
الناس جميعا ً ينادونه بالبخيل و لكنه لا يكترث لهم , و صاروا يسمونه بجامع المال و هو لا يرد على أسئلتهم أبدا ً و لا يكترث لكلماتهم الجارحة و لا يعيرهم أيي إنتباه ٍ أبدا ً
و في أحد الأيام بينما كان منهمكا ً في عمله , يرن الهاتف الذي على مكتبه الذي يعج بالأوراق و المغلفات و المستندات , فيمسك سماعة الهاتف و يقول : مرحبا ً
و بعد لحظات يقول : نعم أنا محمود , من تكون أنت ؟
بعد لحظات يقف على قدميه و يقول بتوتر : نعم , نعم
ثم يصرخ بأعلى صوته كأنه طُعن َ بسيفٍ مزق أحشائه و قطع أواصره و سحق قلبه : مااااااااااااااااذااااااااا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ثم يترك سماعة الهاتف فتقع على الأرض و يرتمي هو على كرسيه و الناس كلها تجتمع حوله و يسألونه : ما الذي حدث ؟ , ما الذي جرى ؟ , من المتصل ؟
يمسك محمود بالحقيبة و يبدأ بالبكاء بحسرة ٍ شديدة و الناس في أذهانهم يقولون : ربما كان يجمع المال لشراء بيت ٍ لكنه تم بيعه , أو قطعة أرضٍ فاتته أو شيء ٍ كهذا
يأتي المدير على أثر الصوت و يسأل الناس المتجمعين : ما الذي يحدث هنا ؟؟؟!!!!!!
يقف محمود و هو يولول و ينوح و يعض على شفتيه ندما ً و تحسرا ً , و يفتح حقيبته و يرميها أرضا ً و ينتثر منها المال و تظهر ورقة ٌ بين كل هذه الأموال , ثم يسقط محمود أرضا ً و يفارق الحياة
تدب الفوضى بذلك المكتب و يهرع الجميع الى جثمان محمود يحركونه و يفحصون نبضه أملا ً منهم أنه ما زال حيا ً , لكن بلا فائدة , فقد ذهبت الروح الى منشئها
يمسك أحد الأشخاص سماعة الهاتف و يكتشف أن المتصل مازال على الخط , فيسأله عما قاله لمحمود , و بينما هو يستمع , عم الهدوء في المكان و كأنهم نسوا مصيبة محمود
و فجأة ً أغلق ذلك الرجل سماعة الهاتف و بدأ يبحث بين الأموال التي على الأرض حتى وجد تلك الورقة التي كانت بالحقيبة و قرأها على مسامع الجميع : أنا صاحب هذه الحقيبة محمود خالد كمال ( أبو اسلام ) , كل ما في هذه الحقيبة من أموال من أجل عملية صديقي سامي التي من المفترض أن يجريها في نهاية هذا العام , إذا حدث و مت قبل أن يأتي موعد العملية فهذه النقود كلها له
و قال الرجل الذي يمسك الورقة : و قال المتصل أن صديقه سامي قد مات صباح اليوم لأنه لم يقم بالعملية التي تأجلت كثيرا ً بسبب عدم توفر المال
نظرات الحزن ملأت وجوه الجميع , لأنهم علموا الآن فقط أنهم ظلموا هذا الرجل العظيم الذي جمع أمواله لكي يساعد صديقه لكن أجلهما جاء في يوم ٍ واحد
النهاية.