قصة جميلة عن معنى الحياة

تم ارسال المشاركة 9/11/2014, 2:18 pm

للكاتب الفرنسي هنري بولاي. كان هنالك حطّاب لا همّ له إلا ان يرثي حظّه العاثر ، يسكن في كوخ حقير ، يقاسمه فيه زوجته وولده الصغير . لا تلتقيه مرّةً دون ان تراه يتذمّر من حياته ، و ينعتها باللؤم و الغدر. فاجأه صغيره مرّةً بهذا السؤال الذي اذهله ، ثم ما لبث ان صبّ اللعنة على حظه السيء كعادته .{ آهٍ ... هذه هي الحياة ... هذه هي الحياة. ردّد الرجل لفظة الحياة بصوتٍ مخنوق ، يزفر بالغيظ . آهٍ .... هذه هي الحياة . التفت إليه صغيره و سأله : و مالحياة يا أبتِ ؟ هزّ الرجل كتفيه بازدراء : ستراها عما قريب } أعاد الصغير السؤال لأنه يرغب في جوابٍٍ واضح .- قل لي : مالحياة؟ أجاب الوالد : اني لا استطيع ان اشرح لك ذلك ، و إذا كان السؤال يقلقك فاسأل الناس عنها عبر الطريق فربّما يشفون نفسك بالجواب ... و منذ ذلك اليوم ، راح الطفل يجوس خلال الدروب ، يبحث عن عابر يطرح عليه السؤال. صادف اول مرّة حارس الغابة ، كان يمشي مُطلقاً صغيره في الفضاء . استوقفه الصغير و سأله : ما الحياة ؟ أجابه و قد قطّب ما بين حاجبيه وقوّم شاربيه : الحياة .... هي انت و انا كلٌّ على حدة أو اشباهنا او سوانا، هذه هي الحياة. لم يجب الولد بكلمة ، لكنه خطّ في ذاكرته الجواب الاول و ظّل يمشي حتّى وقع على شابين يمتطيان دراجة فاعترض طريقهما و ألقى عليهما السؤال : الاول : الحياة هي ان تتمتع بطيب الهواء و تملاء به رئيتك ، و تلعب تحت أشعة الشمس ، و عقّب الآخر : الحياة .... هي ان تنظر حولك ، و تذهب بعيداً ، وتفتش دائماً عن أشياء جديدة تغني بها عينيك ، و تختزنها رؤىً و احلاماً و ذكريات . قفل الولد راجعاً إلى أبيه ، و كرّر عليه ما سمعه منهما . فعقّب قائلاً . حقّاً ، إنّ هذين الاثنين لا يصل إليهما الملل . وفي الصباح خرج الصغير كعادته ، و ذهب بعيداً ، بعيداً جداً في أعماق الغابة . فصادف منشرةً آليةً لنشر الأخشاب ، حولها عمالٌ دأبهم ان يلقّموا هذه الآلة زادها من الخشب . فسأله احد العمال : ماذا تريد أيها الصغير ؟ تلجلج الصغير و قال : أتعرف ما الحياة ؟ أجابه العامل : الحياة هي العمل .... أيها الشقي الصغير ؛ كيف تقلق نفسك في هذا العمر بهذه المسئلة الكبرى؟ و لكن الطفل طلّ في لهفة السؤال دون ان يقنعه جواب العامل . فترك الغابة ، و تخطّى حدودها الى حقل واسع ، فألفى فلاحاً يبذر أرضه فألقى عليه السؤال . ما الحياة ؟ حمل الفلاح قبضةً من التراب و قال له : الحياة هي هذا .... ان تطرح بذوراً في المدارج التي تخطها في الحقل ، و بقليلٍ من التعب و الصبر تحصد القمح الذي يستحيل خبزاً ، او يكون لك ثمراً تجنيه او زهر تجتليه . سمع الطفل ذلك بإعجاب ، و قال في نفسه : ما أعظم هذه الحياة التي تكرر أشياءها و تضاعف موجوداتها . لبث الطفل على عادته ، يخرج كل يوم ليلقى العابرين ، و يطرح عليهم السؤال ذاته . شاهد مرّةً في طريقه رجلاً فارع القامة ، يسجل في دفتره أشياء لقد كان شاعراً جاء يستلهم من الغابة و الطبيعة أفكاراً و رؤىً . و سأله : ما الحياة ؟ - أجاب الشاعر : الحياة ان نمتزج بكّل ما حولنا ... ان نكون هذه الشجرة التي تخفق أوراقها تحت الريح و ان نكون هذا الينبوع الذي يغّني على وشوشات الحصى . و الحياة أيضاً هي هذا الحيوان الضّئيل الذي لا نعرف اسمه ، و هذه الأعشاب التي تعطر الهواء الذي نتنشقه . قال الصغير : آه ما اجمل ما تقول أيها السيد !! و استأنف المسير . بلغ الصغير المدينة و كان الشارع يضجّ بأصوات التلاميذ و ضحكاتهم ، و أمام باب إحدى المدارس خرجت المعلمات . فسأل إحداهن : سيدتي ، ماالحياة ؟ إجابته : هي ان تتعلم . --- و ما التعليم ؟ ---- ان تعرف و تتعلم و لا شيء يحول أمام من يريد المعرفة .. تستطيع ان تتعلم في أيّ مكان و نعرف و تحب .... هذه هي الحياة . أودع الطفل هذه الكلمات في رأسه و هو يتأمل فيها . أنّه أدرك الآن ما الحياة . ان الحياة هي نفسه ، وما حوله ، و من حوله من أقربين و ابعدين ، و من كل شيءٍ من هذه الحجارة حتّى الغيوم ... ان الحياة عظيمة . فاجأ أباه بهذا المفهوم الجديد للحياة فخاطبه : لقد تقدمت يا بنّي في تفهم الحياة . و طلّ الصغير يفكر في سرّ الاستمتاع بجمال الحياة مدركاً انه لا يستطيع ان يصل إلى تلك المتعة إلا إذا أبقى عينيه مفتوحتين ، متأمّلتين في أسرارها ^-^ أرجو أن القصة تعجبكم