بعد مسيرته الحافلة كلاعب مع الساحرة المستديرة، وحصده للعديد من الألقاب في فرنسا وإيطاليا، والتي كان أبرزها التتويج بلقب كأس الأمم الأوروبية عام 1984 مع منتخب فرنسا، وكأس الأندية أبطال الدوري (دوري أبطال أوروبا حاليا) مع يوفنتوس الإيطالي عام 1985، فإن الفرنسي ميشيل بلاتيني يستهدف الآن المؤسسة الأكثر نفوذا في عالم كرة القدم.
وأعلن بلاتيني، الذي يرأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) منذ عام 2007، الأربعاء ترشحه لرئاسة الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) خلفا للسويسري جوزيف بلاتر، وذلك في الانتخابات التي ستجرى خلال الاجتماع الاستثنائي للاتحاد بمدينة زيوريخ السويسرية في 26 شباط/فبراير المقبل.
واعلن بلاتيني 60/ عاما/ في بيان موجه إلى الدول الـ209 الأعضاء بالفيفا ، نشر بالموقع الألكتروني الرسمي لـ(يويفا) ، ترشحه لرئاسة الفيفا مطالبا بالدعم في مسعاه لإدارة شؤون كرة القدم حول العالم.
وقال بلاتيني: "لقد كان قرارا شخصيا ومدروسا بعناية كبيرة للغاية ، قرار قمت فيه بمناظرة مستقبل كرة القدم مع مستقبلي، واسترشدت أيضا بالدعم والتشجيع الذي أظهره الكثيرون منكم تجاهي".
وأضاف: "هناك فترات في الحياة يتحتم عليك فيها تحديد مصيرك بنفسك، إنني أعيش الآن واحدة من هذه اللحظات الحاسمة، إنني أقف عند منعطف في حياتي وسط الأحداث التي تشكل مستقبل الفيفا"، ومن الممكن أن تثير تصريحات بلاتيني، حول معرفة الموعد المناسب للبت في الأمور المصيرية، دهشة البعض، فاتخاذ القرار بين خوض المعركة أو تأجيلها لبعض الوقت ربما تحقق حياة مهنية ناجحة.
وكان بلاتيني قد فضل عدم مواجهة بلاتر في انتخابات فيفا الأخيرة التي جرت في أيار/مايو الماضي، مستندا على الدعم الهائل الذي يلاقيه العجوز السويسري في أنحاء عديدة من العالم.
ورغم أن بلاتيني شعر بالضيق لبعض الوقت عقب قرار بلاتر بالتراجع عن تعهده بعدم الترشح لولاية خامسة في رئاسة فيفا، إلا أنه لم يندفع وراء اعتزازه بنفسه لخوض معركة غير مضمونة العواقب، مفضلا دعم الأمير الأردني علي بن الحسين، كمرشح للتغيير في مواجهة بلاتر.
وفاجأ بلاتر الجميع بإعلان عزمه التقدم باستقالته من رئاسة فيفا، بعد أيام قليلة من فوزه على بن الحسين في الانتخابات.
ويعاني فيفا حاليا من اتهامات بالفساد، بعدما ألقي القبض على أكثر من 12 فردا من مسؤوليه للتحقيق معهم من قبل القضاء الأمريكي، في الوقت الذي تحقق فيه السلطات السويسرية بشكل منفصل بشأن وجود اتهامات أخرى بالفساد خلال منح شرف استضافة نهائيات كأس العالم عامي 2018 و2022 إلى روسيا وقطر على الترتيب.
ويبدو أن الوقت المناسب قد حان لبلاتيني لخوض غمار انتخابات رئاسة فيفا الآن.
وتحت قيادة بلاتيني، نجح يويفا في توزيع أرباح بطولاته، وفي مقدمتها دوري أبطال أوروبا، لتشمل الكثير من الأندية في البلدان الصغيرة، كما رتب الاتحاد أوضاعه لإقامة نهائيات كأس الأمم الأوروبية (يورو 2020) في العديد من البلدان على مستوى القارة، كما قطع يويفا أشواطا كبيرة فيما يتعلق بقواعد اللعب المالي النظيف.
من جانبه، صرح هيربرت هاينر الرئيس التنفيذي لشركة أديداس للملابس الرياضية، أحد الرعاة الرئيسيين لفيفا، في مقابلة مع إحدى المجلات، أن الوقت قد حان بالفعل لدعم بلاتيني، مشيرا إلى أن العديد من الاتحادات أعضاء الجمعية العمومية لفيفا تعهدت بالفعل لدعم المرشح الفرنسي.
ورغم ذلك، كان بلاتيني موضع العديد من الانتقادات، لأسباب ليس أقلها تصويته لمصلحة قطر لاستضافة مونديال 2022، وقال بلاتيني لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) العام الماضي، قبل أن يتم الاتفاق على إقامة المونديال في الشتاء: "إنني لست نادما على التصويت لقطر، لقد قلت دائما إنني أتمنى أن تقام البطولة في قطر خلال فصل الشتاء، هناك الكثير من الأفراد صوتوا للملف القطري، لست أنا فقط".
ومن المرجح أن تمنح تلك المسألة منافسي بلاتيني المحتملين الفرصة لتعزيز حظوظهم في مواجهته خلال الانتخابات.
وجاء رد الأمير علي بن الحسين بشكل فوري على قرار بلاتيني بالترشح، حيث قال إن المرشح الفرنسي لا يمثل التغيير المطلوب في كرة القدم.
وأوضح بن الحسين في بيان له: "الأمر الواضح هو أن فيفا بحاجة إلى قيادة جديدة ومستقلة لم تلوثها ممارسات الماضي".
ولكن بن الحسين والمنافسين الآخرين، ربما يجدوا صعوبة كبيرة في استعادة السيطرة على مصير فيفا، خاصة في ظل الدعم المتوقع الذي سيلاقيه بلاتيني من أجل رئاسة الاتحاد.